فتوى العلامة محمد بن صالح العثيمين


فتوى العلامة محمد بن صالح العثيمين
هل تجوز قراءة حِزب من القرآن جماعة في المسجد في كل يوم بعد صلاتي الصبح والمغرب؟ وما حكمهما في الإسلام ؟
الجواب : لاحرج ان يجتمع جماعة بعد صلاة الظهر او المغرب او العصر يقرؤون فيما بينهم حزبا من القرآن
لكن لا على سبيل جماعي بل يقرأ الواحد ويستمع الباقون و يقرأ الثاني ويستمع الباقون وهكذا . إهـ
المصدر :

فتوى أخرى للعلامة محمد بن صالح العثيمين
ما حكم قراءة القرآن جماعة بصوت واحد من أجل الحفظ وعدم النسيان؟
إذا كان الجماعة يقرؤون القرآن بصوت واحد من أجل الاستعانة على الحفظ لا من أجل التعبد بذلك فلا بأس، بشرط أن لا يحصل منهم تشويش على المصلين
اعتراض الإمام النووي على الإمام مالك في قوله بالكراهة
   1-  قال الإمام يحيى بن شرف النووي في كتاب "التبيان في آداب حملة القرآن "اعلم أن قراءة الجماعة مجتمعين مستحبة بالدلائل الظاهرة وأفعال السلف والخلف المتظاهرة، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أنه قال: "ما من قوم يذكرون الله ..." وفي رواية "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وحفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده" قال النووي: رواه مسلم وأبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم ... ثم ذكر أحاديث أخرى في الموضوع ثم قال: "وروى ابن أبي داود أن أبا الدرداء -رضي الله عنه- كان يدرس القرآن معه نفر يقرأون جميعا، وروى ابن أبي داود فعل الدراسة عن جماعات من أفاضل السلف والخلف وقضاة المتقدمين ... ثم قال: وأما ما روى ابن أبي داود عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عزرب ... وعن ابن وهب قال: قلت لمالك: أرأيت القوم يجتمعون فيقرأون جميعا سورة واحدة حتى يختموها؟ فأنكر ذلك وعابه، وقال: ليس هكذا يصنع الناس، إنما كان يقرأ الرجل على الآخر يعرضه" قال النووي: "فهذا الإنكار من مالك وابن عزرب مخالف لما عليه السلف والخلف، ولما يقتضيه الدليل، فهو متروك، والاعتماد على ما تقدم من استحبابها، لكن القراءة في حال الاجتماع لها شروط قدمناها ينبغي أن يعتنى بها" (التبيان للنووي: ص 57-58)
فالإمام النووي يرى أن هذا الإنكار من الإمام مالك متروك، وأن عمل السلف والخلف على خلافه،
  2- وأما قول مالك: ليس من عمل الناس، أو ليس من العمل القديم ... فإنه يعني به عمل الصحابة والتابعين، وقد أثبت ابن أبي داود فعل أبي الدرداء له، وهو صحابي جليل، وكان يجتمع في حلقة إقرائه بمسجد دمشق ألف وستمائة قارئ فعمد إلى تقسيمهم إلى فئات، وجعل على كل مائة عريفا، وعلى كل عشرة عريفا، وكان يعرض عرفاء المئات، دفعة واحدة، فإذا فرغوا من العرض ذهبوا إلى حلقاتهم فعرض عليهم عرفاء العشرة، ثم إذا فرغوا عرض على عرفاء العشرة من تحتهم كلهم على هذه الكيفية، وكانوا يطلقون على ذلك اسم الدراسة(تاريخ دمشق للحافظ ابن عساكر: 2 / 49 ــ 50
وقد انتقل هذا الأسلوب مبكرا مع الفاتحين من أهل الشام إلى إفريقة والمغرب والأندلس، ثم تعزز في صدر المائة السادسة عند دخول محمد بن تومرت إلى مراكش بقراءة الحزب الراتب وجعلها شعارا لدولة الموحدين في المغرب والأندلس، وذلك بعد أن انتشرت قراءة الحزب على يد تلامذة الإمام محمد بن أبي زيد القيرواني في أواخر المائة الرابعة، وينسب إحداثه في تونس إلى أحد تلاميذ ابن أبي زيد الذي ألف له رسالته الفقهيه لتكون مادة للتعليم مع القرآن الكريم في مسجده، وهو الفقيه أبو محمد محرز بن خلف التونسي المؤدب ( ت 413 هـ) وهو "أول من سن ذلك في إفريقية كما يقول الإمام الشوشاوي في كتاب الفوائد الجميلة على الآيات الجليلة: ص 237".
   3 - وقد ظاهر الشيخ محرزا التونسي في سنه للحزب وإباحة القراءة الجماعية كل فقهاء المالكية بإفريقية كابن أبي زيد وأبي الحسن القابسي كما في المعيار للونشريسي (169/11)
ونقل الشوشاوي جواز ذلك عن الفقيه مفتي المالكية في عصره محمد بن عبد الله المازري ( ت 536 هـ) فأفتى في قراءة القرآن بالاجتماع بصوت واحد بالجواز وقال: "ودليله أنه ثبت عن الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم كانوا يجتمعون على قراءة سورة واحدة بصوت واحد" (الفوائد الجميلة: ص 237)
4- وقد تقدم المازري من فقها ء المالكية وزعمائهم في الأندلس أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (ت 474 هـ) فقال بجواز قراءة القرآن بصوت واحد، ووجه ما ذهب إليه مالك بقوله: "إنما كرهه مالك للمباراة في حفظه، والمباهاة في التقدم فيه" (المنتقى في شرح الموطأ للباجي: 345/1)
فتوى شيخ الجماعة بالأندلس أبي سعيد بن لب فقيه غرناطة ( ت 782 هـ)
قال في المعيار: "وسئل عن قراءة الحزب في الجماعة على العادة، هل فيه أجر مع ما نقل فيه ابن رشد من الكراهة؟ فأجاب: أما قراءة الحزب في الجماعة على العادة فلم يكرهه أحد، إلا مالكا، على عادته في إيثار الاتباع، وجمهور العلماء على جوازه واستحبابه، وقد تمسكوا في ذلك بالحديث الصحيح: "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وحفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده" قال ابن لب: ثم إن العمل بذلك قد تضافر عليه أهل هذه الأمصار والأعصار، وهذه مقاصد من يقصدها فلن يخيب من أجرها: منها: تعاهد القرآن حسبما جاء فيه من الترغيب في الأحاديث.
ومنها تسميع كتاب الله لمن يريد سماعه من المسلمين، إذ لا يقدر العامي على تلاوته فيجد سبيلا إلى سماعه، ومنها: التماس الفضل المذكور في الحديث، إذ لم يخصص وقتا دون وقت
    وعند التأمل في أصل عبارة مالك التي نص فيها على الكراهة، فقد أوردها الشاطبي محرفة عن نصها الأصلي فقال: "وفي العتبية سئل عن القراءة في المسجد- يعني على وجه مخصوص كالحزب ونحوه فقال: "لم يكن بالأمر القديم"            (المعيار: 112/11)
وقد أوردها ابن أبي زيد القيرواني بصورة مختلفة تدل على ما تعرضت له مقالة مالك من تحريف موجه ومقصود. فأصل المسألة كما ذكرها ابن أبي زيد القيرواني في كتاب الجامع هكذا: "ولم تكن القراءة في المسجد في المصحف من أمر الناس القديم، وأول من أحدثه الحجاج -يعني عامل الأمويين- وأكره أن يقرأ في المصحف في المسجد" (الجامع في السنن والآداب: ص 164 ))
فتأمل الفرق الواضح والبون الشاسع ما بين قول مالك: "إن القراءة في المسجد في المصحف - يعني بين يدي السلطان يوم الجمعة - فحولها الإمام الشاطبي أو غيره، وقطعها عن سياقها الذي وردت فيه، فقال عقب قوله: "إن القراءة في المسجد" "يعني على وجه مخصوص كالحزب ونحوه" وهذا قطعا إدراج في عبارة مالك أدى إلى تقويله ما لم يقله وما لا يدل كلامه في المسألة عليه، لا على الحزب ولا على قراءة الجماعة له، وبيان ذلك أن السؤال لم يكن أصلا يتعلق بالقراءة في جماعة في المسجد، وإنما كان عما ابتدعه الحجاج بن يوسف الثقفي من إخراج المصحف الرسمي إلى المسجد والقراءة. فيه بين يدي السلطان في وقت مخصوص، وقد جاء ذلك صريحا فيما نقله صاحب المعيار عن كتاب الحوادث والبدع للإمام أبي بكر الطرطوشي قال: "ومن البدع قراءة القارئ يوم الجمعة عشرا من القرآن عند خروج السلطان" ثم ذكر أمورا أخرى شبيهة بذلك وقال: "فهذا من الأمور المحدثة" (انظر المعيار للونشريسي: 11 / 116 ــ 117)
فمالك إذن إنما اعترض على القراءة في المصحف في المسجد يوم الجمعة لعشر من الآيات بين يدي السلطان فقال: "لم يكن من أمر الناس القديم ... وأكره أن يقرأ في المصحف في المسجد" يعني بذلك قطعا ما أحدثه الحجاج. وأما القراءة التي ليست على هذه الصفة فلم يتعرض لها السؤال أصلا، وقد نقل صاحب المعيار ما يدل على ذلك حيث قال: "وفي سماع عيسى عن مالك: "ما يعجبني أن يقرأ القرآن إلا في الصلاة والمساجد، لا في الأسواق والطرق" (المعيار: 114/11

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأسس في بعث هواية القراءة

  حسين سونة نشر في  الشرق المغربية  يوم 28/07/2011                                                           قرأت باهتمام مقالا للكاتب محمد...