23 فبراير 2011

القذافي يعلن كفره ويهدد شعبه

                    حسين سونة
 وأنا أتابع خطاب القذافي  وما تلا ذلك من تعاليق وتحاليل لصحفيين وتدخلات مواطنين ليبيين وعرب آخرين ، قالت التي من حولي : أول مرة أشاهد القذافي وقد طأطأ رأسه وانحنى ، ولأول مرة أكتشف ملامح وجهه الشاحب . قلت لها لا عليك سينحني أكثر أمام ثورة شعبه وسينتهي كبرياؤه ، إن الله يمهل ولا يهمل .  وربما ألقى هذا الخطاب من البناية التي قصفها الأمريكيون حيث يظهر أثر القصف من خلفه ، وإذا كان كذلك فإنه  قد أمن لنفسه شر الأمريكيين والمتظاهرين في هذا الظهور المحفوف بالمخاطر . وأي خطر غير خطر التنحي عن الحكم .
الواقع أن أي عاقل مهما بلغت درجة فكره وتفكيره  بحسب اعتقادي ، لا يستطيع فهم درجة حب السلطة والتشبث بكرسيها لهؤلاء ، لقد بدا  الأمر عاديا إلى حد ما عندما سقط الرئيس التونسي ، وكذلك لما لحق به الرئيس المصري ، لكن القذافي هذا ،  الزعيم الثوري والجماهيري أثبت للجميع صعوبة التخلي عن السلطة والتنحي عن الحكم إلى درجة أنه ألقى خطابا كارثيا  ، خطابا  يضحك ويبكى في نفس الوقت ، إنه يرفض المظاهرات ومطالب الشعب ، وينعت الكل بنعوت سوقية ،  وقد هدد في خطابه هذا المتظاهرين برد ساحق شبيه بقصف البرلمان الروسي والقصف الأمريكي للفلوجة ، وهنا كان الشيخ القرضاوي محقا في فتواه عندما أهدر دمه ، وهنا كذلك أعلن القذافي كفره علانية . وخاصة عندما تشبث بقوانين الكتاب الأخضر وتلا قانون الإعدام ونسي شرع الله ، ولم يكترث بالآية  القرآنية " ومن يقتل  مومنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما " صدق الله العظيم .
  إنه لا يوجد في التاريخ رئيس دولة  أو ملك أعلن الحرب على شعبه الذي يطالب  فقط بالكرامة والحرية ، لقد وصف المحتجين بعصابات الجرذان والمرتزقة ، ويقول لهم أعطيت الأوامر للضباط الأحرار للقضاء على الجرذان   ، فهو يتحدى الجميع ويقول لهم إلى النهاية ، ويضيف نحن القذاذفة لا نستسلم  حتى ننتصر أو نموت ، ونحن أحرار  في استخدام القوة . إن هذه المقولة  قالها عمر المختار المحبوب  رحمه الله  عندما كان يواجه الاستعمار الإيطالي ، وهذا يقولها لانه يواجه شعبه الثائر  ضده بسبب عجرفته وفساده والمنبوذ  ولا يحبه أحد ، كما أنه لم يعترف بالمجازر التي ارتكبها  في بنغازي وطرابلس ..    
  لقد أكد زعيم الثورة معمر القذافي من جهة أخرى  أنه ليس رئيسا حتى يستقيل  "فأنا قائد ثورة إلى الأبد " فهل عاشت ليبيا بدون رئيس لمدة أزيد من أربعة عقود ونحن في غفلة من أمرنا ؟ هل هو رجل سماوي أو جني كما قال أحد المعلقين ، أو فقد صوابه ، أم يريد أن يظهر للناس أنه باق في السلطة فيهدد العالم بوجود إمارات إسلامية بهدف تخويف الغرب ، لقد ادعى في خطابه أن وسائل الإعلام تحاول تشويه صورة الليبيين المجاهدين الأحرار ، فمن شوه الآخر ؟ أذلك الذي رفع رأسه أربعين سنة ونيف ولا أحد يفهم ما يفوه به ، وعاش في الخيمة خائفا من سقوط السقف بالقصف ، أم هذا الذي يقود ثورة استرداد الكرامة والحرية ببسالة لا تقهر . وقد سماه أحدهم بالثور الهائج يمكن أن يفعل ما يشاء ، إنه أصيب بهستيريا الإفلاس بسبب صحوة الشعب الليبي ، بعد أن حكم البلاد مع أبنائه حرا طليقا يحلم بالإمبراطورية الأفريقية .
    قالت عنه ميركل بالأمس :" خطاب القذافي مرعب جدا جدا ونفضل فرض عقوبات على ليبيا لحملها على وقف العنف ..." ونحن نقول : إن الشعب الليبي أخرج المستعمر الإيطالي وسيعرف كيف يهزم المجرم القذافي بدون تدخل أجنبي بإذن الله . فهو الآن بدأ يفقد الشرعية الداخلية وسيفقد الشرعية الدولية فمن سيخرجه من المأزق الذي بناه لنفسه .
 إن هذه الثورة التي قادها الشباب  لم تكن ثورة عادية كما قال الشيخ القرضاوي بل ثورة ملهمة ومعلمة للعالم أجمع . كنا بالأمس القريب عندما نذكر هتلر أو موسوليني أو ستالين ...نندهش ونتألم عن المجازر التي شنوها وقاموا بها ضد البشرية ، فقد أصبحت بسيطة على ما يبدو أمام هذا الطاغوت الجديد ، ذلك أن هتلر مثلا خسر الحرب ولكنه لم ينسحب وقلده  القذافي ولكن في التشبث بالسلطة ، وسمح له عناده واستخفافه بالتدمير الكامل للبنية التحتية الصناعية الألمانية فبل أن تقع بين قوات الحلفاء ، وعهد هو الآخر بتنفيذ الأرض المحروقة  كما القذافي ، غير أن هتلر كانت له قناعة بأن يعيش في بلاده مع شعبه أو يهلك فيها ، وهذا بريد أن يهلك شعبه ويعيش لوحده . القذافي يشبه ستالين الذي أعدم أكثر من خمسة ملايين من الفلاحين عندما رفضوا تنفيذ مشروع المزارع الجماعية ووقفوا في وجهه . الفارق هو أن القذافي بدوي عربي أفريقي ، والآخرون عاشوا بمبادئ وأيديولوجيا   معينة وأنهوا مشوارهم بشرف على كل حال .                        
 هكذا تنتهي مرحلة الحاكم العربي المتسلط والغير المنتخب قانونا  ، وهكذا تنجلي مكائد حكام العرب  فهم متحالفين مع الغرب ضدنا ، وضد مصالح الأمة جمعاء ، عسى أن يبقوا جاثمين في الحكم مساندين من ديمقراطية الغرب ،  فلا غرابة لهزائمنا المتتالية  في جميع المجالات عسكرية أو اقتصدية  أو سياسية . حفظ الله هذه الصحوة الشبابية .
                                                       حسين سونة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأسس في بعث هواية القراءة

  حسين سونة نشر في  الشرق المغربية  يوم 28/07/2011                                                           قرأت باهتمام مقالا للكاتب محمد...