بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه
ومن سن بسنته واهتدى بهديه إلي يوم الدين اما بعد :
فهذه بعض فتاوى علماء أهل السنة والجماعة في الرد
على النظرية الخطيرة التي تقول أن الإنسان أصله قرد أو أن هناك إنسان بدائي قبل أدم عليه السلام : هناك سائل يسأل ويقول: هناك مسجد في لندن يسمى مسجد التوحيد، المسئول هو صهيب حسن وهو وابنه أسامة حسن يصليان بالناس، ولكن أسامة يعتقد بنظرية داروين(أن آدم عليه السلام نشأ من القرود)ويدعو إلى هذا المعتقد في الإذاعة والتلفاز علنًا، ويتهم المسلمين أنهم رجعية لأنهم لا يعتقدون ذلك، والمسلمون في هذا المسجد ردوا قوله، وأبوه صهيب حسن صرَّح بأنه لا يعتقد ذلك ولكنه يدافع عن ابنه وقال: إن أخرجتموه من المسجد فلا بد أن تخرجونني كذلك من المسجد، وابنه أسامة حسن صرَّح وقال: أن والدي آدم-عليهم السلام-أصلهم قريب من الإنسان، فما قولكم ياشيخ حفظكم الله في هذا؟.
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعــد:
أولًا: فمن قال: إن آدم-عليه الصلاة والسلام-وجد من أبوين فهو كاذب.
وثانيًا: ومن قال إن آدم-عليه الصلاة والسلام-كان أصله قرد فهو كاذب مصادم لنص القرآن-العزيز-الذي أخبرنا الله-سبحانه وتعالى-فيه بكيفية خلق آدم.
وثالثًا: من قال إنه كان قبل آدم إنسان وتطور حتى جاء منه آدم فهو أيضًا كاذب، لأنه لم يوجد قبل آدم إنسان، قال الله-جل وعلا-: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33))(البقرة).
وقال-جل وعلا-: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ)(المؤمنون/12)، (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً...)فقبله لم يكن في الأرض إنسان -عليه الصلاة والسلام-.( إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ...)(ص)الآيات.
قال-جل وعلا-مخاطبًا إبليس-لعنه الله-: (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ)(ص/75).
قال-جل وعلا-مخبرًا عن اعتراض هذا اللعين حينما-سبحانه وتعالى-أبانا آدم: (...أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا)(الإسراء/61)والآيات في هذا معروفة ولله الحمد يتلوها أطفال المسلمين وأبناء المسلمين الصغار في كتاب الله-تبارك وتعالى-، وكلها ناطقة مصرحة بكذب من قال: (إن آدم لم يخلق من طين وتطور ونشأ وارتقى من القرود)هذا كذب على الله-تبارك وتعالى-، وقائله قائل على الله بالكذب مناقض لكتاب الله-تبارك وتعالى-.
ومن قال: (إن آدم خلق من غيره)فقد كذَّب القرآن، قال-سبحانه وتعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)(النساء/1)، والنفس الواحدة هي آدم-عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام-.
والله-جل وعلا-له في خلقه-سبحانه وتعالى-القدرة العظيمة والحكمة البالغة-سبحانه وتعالى-، فقد خلق آدم من طين من غير أب ولا أم، خلقه من طين، طين-من تراب-طين، ثم هذا الخلق قد فصَّله الله-سبحانه وتعالى-وبينه لنا وأنه خلقه من صلصال من حمأ مسنون، فهذا الطين خلق من آدم أول ما خلق من هذه العجينة التي خلقه الله منها وهي عجينة الطين، ثم ترك حتى صار صلصالًا كالفخار يعني: له صوت، فلما بلغ هذا نفخ الله-سبحانه وتعالى-فيه الروح فقام بشرًا سويا بأمر الله-تبارك وتعالى-، ثم خلق منه زوجه حواء، فكان أصل الخلق هو الطين.
وأصل الخلق والبشر هو آدم-عليه الصلاة والسلام-، فآدم خلق من غير أب ولا أم، ثم خلقت من آدم زوجه حواء، خلقت من ضلع-ضلع آدم-فكانت حواء من أب بلا أم.
وقد خلق الله-تبارك وتعالى-عيسى-عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام-خلقه من أم بلا أب وهذا صنف ثالث من الخلق، فخلقه-جل وعلا-من أم بلا أب، أمه مريم العذراء-عليها وعلى ابنها عيسى وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام-، (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ...)(آل عمران/47)، (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ...)(مريم/21)الآيات.
فخلق الله عيسى-عليه السلام-من أم بلا أب، وكذبت يهود-عليهم لعائن الله- إذ زعموا أنه ابن زنا، وإنما هو نبي اختصه الله-سبحانه وتعالى-بنبوته ورسالته وجعل الآية من أول الأمر في خلقه-عليه الصلاة والسلام-، إذا كان الناس من آدم إليه يولدون من أب وأم، فجاء هو من أم بلا أب، من بعد آدم وحواء كان الناس كلهم والبشر يولدون من أب وأم حتى جاء عيسى فكان خلقه معجزة على غير مثال سابق، فخلقه من أم بلا أب.
قبله خلق آدم من غير أب وأم، ثم خلق عكسه حواء من أب من غير أم، ثم خلقه هو من أم دون أب، ثم بقية البشر من أم وأب.
فمن زعم أن أصل الإنسان قرد فقد كذب وقال على الله بغير علم، فالإنسان هو الإنسان وأصله من آدم الذي خلقه الله بيديه، وكرَّمه، وأسجد له ملائكته، خلقه طوله وعرضه ويديه ورجليه وسمعه وعينيه كما هو مشاهد لنا الآن في ذريته، يتكلم ويمشي ويسمع ويبصر ويعطي ويأخذ ويأكل هكذا خلق الله-تبارك وتعالى آدم.
وأما القرود فهم أمة مستقلة ليس لهم علاقة ببني البشر، فهم أمة مستقلة والبشر أمة مستقلة، ومن زعم هذا فقد كذب على الله وقال في دين الله ما يوجب الكفر لأنه كذَّب كتاب الله وسنة رسوله-صلى الله عليه وسلم-، وقوله هذا من أنكر القول وأبطله وقد تبع فيه عدو الله الملحد-داروين-ورد ما جاء في كتاب الله-تبارك وتعالى-.
فإذا كان هذا الإنسان جاهلًا يتعلم، ويُعَلَّم، وإن كان غير جاهل فإنه يكفر بقوله هذا لأنه مناقض لصريح القرآن وصريح سنة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، ولا يجوز لأحد أن يدافع عنه، ولا تجوز الصلاة خلفه، ومن دافع عنه ألحق به ولا كرامة مهما كان.
ولسماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز-رحمه الله تعالى-في هذا جواب مسطور في المجلد الأول من فتاوى نور على الدرب فليراجعه من شاء فإنه موجود في المجلد الأول في الصفحة الثالثة والثمانين في السؤال الثامن والثلاثين في القول بأن أصل الإنسان قرد وقوله-رحمه الله تعالى-بأن هذا القول باطل، وقال: إن من قال بهذه المقالة فإنه وجيه وإنه ظاهر وذلك لأن الكتاب والسنة مع من قاله.
فنحن ننصح إخواننا المسلمين في بريطانيا خاصة، وفي كل مكان من العالم أن يردوا على من قال بهذه المقالة سواءًا كان هذا الشخص أو غيره ولله الحمد كما جاء في السؤال المسلمون قد أنكروا هذا عليه، ولا يجوز لأقوام يسمون مسجدهم بمسجد التوحيد أن يجعلوا إمامهم هذا الضال المنحرف، فيجب عليهم أن يخرجوه ويطردوه ويتخذوا لهم إمامًا آخر، ومن دافع عنه ألحق به، نعم.
لفضيلة الشيخ العلامة :محمد بن هادي المدخلي-حفظه الله-
قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد
السبت الموافق: 25/ صفر/ 1432 للهجرة النبوية الشريفة.وهذه فتوى الإمام العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله التي أشار لها الشيخ محمد بن هادي المدخلي في فتواه السابقة :
س: دائما اقرأ وأسمع أن الإنسان قد كان قردا في البداية، ثم مر بمراحل وتحول إلى الإنسان العادي المعروف اليوم هل هذا من المعقول أم لا؟ وهل عناصر القرد، أي عناصر تكوين جسمه هي نفس العناصر المكونة لجسم الإنسان؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا؟.ج : هذا القول الذي ذكره السائل قول منكر وباطل ومخالف لكتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ولإجماع سلف الأمة. وقد اشتهر هذا القول عن المدعو
( داروين ) وهو كاذب فيما قال. بل أصل الإنسان هو الإنسان على حاله المعروف؛ ليس أصله قردا ولا غير قرد، بل هو إنسان سوي عاقل خلقه الله من الطين من التراب؛ وهو أبونا آدم عليه الصلاة والسلام، خلقه الله من تراب كما قال الله جل وعلا :( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) . فهو مخلوق من هذا التراب خلقه الله على صورته، طوله ستون ذراعا في السماء ثم لا يزال الخلق ينقص حتى الآن، فهو مخلوق على الصفة التي نشاهدها، فأولاده كأبيهم مخلوقون على خلقة أبيهم، لهم أسماع ولهم أبصار ولهم عقول ولهم القامة التي تعرف لهم الآن، يقومون على أرجلهم ويتكلمون ويسمعون ويبصرون ويأخذون بأيديهم ويعطون، وليسوا على شكل القردة، وليس تكوينهم تكوين قردة، بل لهم تكوين خاص، وللقردة تكوين خاص، وهكذا كل أمة، فالقردة أمة مستقلة، والخنازير أمة مستقلة، وهكذا الكلاب والحمير، وهكذا القطط وهكذا غيرها أمم، كما قال الله عز وجل:( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ).
هذه الأمم كلها تحشر إلى الله، تجمع يوم القيامة ويقتص لبعضها من بعض، ثم يقال لها : كوني ترابا فتكون ترابا، ما عدا الجن والإنس، فلهما شأن آخر يحاسبون ويجزون بأعمالهم، فمن أطاع ربه فإلى الجنة، ومن كفر به فإلى النار، أما هذه الحيوانات الأخرى فهي أمم مستقلة فالقردة أمة مستقلة، لها خلقتها ونشأتها وخصائصها، والخنازير كذلك والكلاب كذلك، والحمر كذلك والإبل كذلك والبقر كذلك، والغنم كذلك وهكذا كل أمة من الأمم لها خلقتها، وميزتها التي أنشأها الله عليها سبحانه، وهو الحكيم العليم وهو أبصر بدقائق أمرها ؛ ودقائق تكوينها هو أبصر بهذا سبحانه وتعالى، لكن يجب أن يؤمن العبد أن خلق آدم غير خلق القردة، وأن أصل آدم هو أصله الذي هو عليه الآن وليس أصله قردا ولا غيره؛ بل هو إنسان سوي على خلقته المشاهدة، فالقول إن أصله قرد قول منكر، قول باطل، بل لو قيل بكفر صاحبه لكان وجيها، فالأظهر والله أعلم أن من قاله مع علمه بما جاء به الشرع أنه يكون كافرا ؛ لأنه مكذب لله ورسوله ومكذب لكتاب الله في خلق آدم .
فتاوي نور على الدرب *******************************
يقول: فضيلة الشيخ بارك الله فيكم: ظهر في الآونة الأخيرة على شاشات الفضائيات من يقال عنهم أنهم من أهل فقه وعلم يقولون بأن آدم عليه السلام ليس أول الخلق من البشر بل هناك بشر قبله ولكن الله اصطفاه عليهم ، وأن له أبا وأما، وأن حواء لم تخلق من ضلع آدم ، فما رأيكم في ذلك؟.
الجواب: هذا كفر والعياذ بالله، هذا كفر وإلحاد، تكذيب لقول الله-جل وعلا-أن الله خلق آدم من تراب، خلقه بيده، خلقه من تراب، وليس له أب ولا أم، وأخبر أنه خلق حواء منه(...وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا...)، خلق منها زوجها يعني: خلق حواء من آدم، فالذي ينكر هذا يكون كافرًا بالله-عز وجل-مرتد عن الإسلام، نعم.
للشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه اللهقام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحدادالسبت الموافق: 25/ صفر/ 1432 للهجرة النبوية الشريفة.
*****************************س: الأخ م. م. ي. من الجمهورية العربية اليمنية لواء الجديدة يسأل ويقول: سمعت من بعض الناس أنه كان يوجد قبل آدم إنسان بدائي واختفى قبل ظهور آدم، فهل هذا صحيح؟ ج: ليس لهذا أصل ، بل هذا من الخرافات ، ليس قبل أدم إنسانالشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز رحمه الله
فتاوي نور على الدرب
العقيدة
وصلى الله وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه
ومن سن بسنته واهتدى بهديه إلي يوم الدين اما بعد :
فهذه بعض فتاوى علماء أهل السنة والجماعة في الرد
على النظرية الخطيرة التي تقول أن الإنسان أصله قرد أو أن هناك إنسان بدائي قبل أدم عليه السلام : هناك سائل يسأل ويقول: هناك مسجد في لندن يسمى مسجد التوحيد، المسئول هو صهيب حسن وهو وابنه أسامة حسن يصليان بالناس، ولكن أسامة يعتقد بنظرية داروين(أن آدم عليه السلام نشأ من القرود)ويدعو إلى هذا المعتقد في الإذاعة والتلفاز علنًا، ويتهم المسلمين أنهم رجعية لأنهم لا يعتقدون ذلك، والمسلمون في هذا المسجد ردوا قوله، وأبوه صهيب حسن صرَّح بأنه لا يعتقد ذلك ولكنه يدافع عن ابنه وقال: إن أخرجتموه من المسجد فلا بد أن تخرجونني كذلك من المسجد، وابنه أسامة حسن صرَّح وقال: أن والدي آدم-عليهم السلام-أصلهم قريب من الإنسان، فما قولكم ياشيخ حفظكم الله في هذا؟.
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعــد:
أولًا: فمن قال: إن آدم-عليه الصلاة والسلام-وجد من أبوين فهو كاذب.
وثانيًا: ومن قال إن آدم-عليه الصلاة والسلام-كان أصله قرد فهو كاذب مصادم لنص القرآن-العزيز-الذي أخبرنا الله-سبحانه وتعالى-فيه بكيفية خلق آدم.
وثالثًا: من قال إنه كان قبل آدم إنسان وتطور حتى جاء منه آدم فهو أيضًا كاذب، لأنه لم يوجد قبل آدم إنسان، قال الله-جل وعلا-: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33))(البقرة).
وقال-جل وعلا-: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ)(المؤمنون/12)، (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً...)فقبله لم يكن في الأرض إنسان -عليه الصلاة والسلام-.( إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ...)(ص)الآيات.
قال-جل وعلا-مخاطبًا إبليس-لعنه الله-: (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ)(ص/75).
قال-جل وعلا-مخبرًا عن اعتراض هذا اللعين حينما-سبحانه وتعالى-أبانا آدم: (...أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا)(الإسراء/61)والآيات في هذا معروفة ولله الحمد يتلوها أطفال المسلمين وأبناء المسلمين الصغار في كتاب الله-تبارك وتعالى-، وكلها ناطقة مصرحة بكذب من قال: (إن آدم لم يخلق من طين وتطور ونشأ وارتقى من القرود)هذا كذب على الله-تبارك وتعالى-، وقائله قائل على الله بالكذب مناقض لكتاب الله-تبارك وتعالى-.
ومن قال: (إن آدم خلق من غيره)فقد كذَّب القرآن، قال-سبحانه وتعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)(النساء/1)، والنفس الواحدة هي آدم-عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام-.
والله-جل وعلا-له في خلقه-سبحانه وتعالى-القدرة العظيمة والحكمة البالغة-سبحانه وتعالى-، فقد خلق آدم من طين من غير أب ولا أم، خلقه من طين، طين-من تراب-طين، ثم هذا الخلق قد فصَّله الله-سبحانه وتعالى-وبينه لنا وأنه خلقه من صلصال من حمأ مسنون، فهذا الطين خلق من آدم أول ما خلق من هذه العجينة التي خلقه الله منها وهي عجينة الطين، ثم ترك حتى صار صلصالًا كالفخار يعني: له صوت، فلما بلغ هذا نفخ الله-سبحانه وتعالى-فيه الروح فقام بشرًا سويا بأمر الله-تبارك وتعالى-، ثم خلق منه زوجه حواء، فكان أصل الخلق هو الطين.
وأصل الخلق والبشر هو آدم-عليه الصلاة والسلام-، فآدم خلق من غير أب ولا أم، ثم خلقت من آدم زوجه حواء، خلقت من ضلع-ضلع آدم-فكانت حواء من أب بلا أم.
وقد خلق الله-تبارك وتعالى-عيسى-عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام-خلقه من أم بلا أب وهذا صنف ثالث من الخلق، فخلقه-جل وعلا-من أم بلا أب، أمه مريم العذراء-عليها وعلى ابنها عيسى وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام-، (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ...)(آل عمران/47)، (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ...)(مريم/21)الآيات.
فخلق الله عيسى-عليه السلام-من أم بلا أب، وكذبت يهود-عليهم لعائن الله- إذ زعموا أنه ابن زنا، وإنما هو نبي اختصه الله-سبحانه وتعالى-بنبوته ورسالته وجعل الآية من أول الأمر في خلقه-عليه الصلاة والسلام-، إذا كان الناس من آدم إليه يولدون من أب وأم، فجاء هو من أم بلا أب، من بعد آدم وحواء كان الناس كلهم والبشر يولدون من أب وأم حتى جاء عيسى فكان خلقه معجزة على غير مثال سابق، فخلقه من أم بلا أب.
قبله خلق آدم من غير أب وأم، ثم خلق عكسه حواء من أب من غير أم، ثم خلقه هو من أم دون أب، ثم بقية البشر من أم وأب.
فمن زعم أن أصل الإنسان قرد فقد كذب وقال على الله بغير علم، فالإنسان هو الإنسان وأصله من آدم الذي خلقه الله بيديه، وكرَّمه، وأسجد له ملائكته، خلقه طوله وعرضه ويديه ورجليه وسمعه وعينيه كما هو مشاهد لنا الآن في ذريته، يتكلم ويمشي ويسمع ويبصر ويعطي ويأخذ ويأكل هكذا خلق الله-تبارك وتعالى آدم.
وأما القرود فهم أمة مستقلة ليس لهم علاقة ببني البشر، فهم أمة مستقلة والبشر أمة مستقلة، ومن زعم هذا فقد كذب على الله وقال في دين الله ما يوجب الكفر لأنه كذَّب كتاب الله وسنة رسوله-صلى الله عليه وسلم-، وقوله هذا من أنكر القول وأبطله وقد تبع فيه عدو الله الملحد-داروين-ورد ما جاء في كتاب الله-تبارك وتعالى-.
فإذا كان هذا الإنسان جاهلًا يتعلم، ويُعَلَّم، وإن كان غير جاهل فإنه يكفر بقوله هذا لأنه مناقض لصريح القرآن وصريح سنة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، ولا يجوز لأحد أن يدافع عنه، ولا تجوز الصلاة خلفه، ومن دافع عنه ألحق به ولا كرامة مهما كان.
ولسماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز-رحمه الله تعالى-في هذا جواب مسطور في المجلد الأول من فتاوى نور على الدرب فليراجعه من شاء فإنه موجود في المجلد الأول في الصفحة الثالثة والثمانين في السؤال الثامن والثلاثين في القول بأن أصل الإنسان قرد وقوله-رحمه الله تعالى-بأن هذا القول باطل، وقال: إن من قال بهذه المقالة فإنه وجيه وإنه ظاهر وذلك لأن الكتاب والسنة مع من قاله.
فنحن ننصح إخواننا المسلمين في بريطانيا خاصة، وفي كل مكان من العالم أن يردوا على من قال بهذه المقالة سواءًا كان هذا الشخص أو غيره ولله الحمد كما جاء في السؤال المسلمون قد أنكروا هذا عليه، ولا يجوز لأقوام يسمون مسجدهم بمسجد التوحيد أن يجعلوا إمامهم هذا الضال المنحرف، فيجب عليهم أن يخرجوه ويطردوه ويتخذوا لهم إمامًا آخر، ومن دافع عنه ألحق به، نعم.
لفضيلة الشيخ العلامة :محمد بن هادي المدخلي-حفظه الله-
قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد
السبت الموافق: 25/ صفر/ 1432 للهجرة النبوية الشريفة.وهذه فتوى الإمام العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله التي أشار لها الشيخ محمد بن هادي المدخلي في فتواه السابقة :
س: دائما اقرأ وأسمع أن الإنسان قد كان قردا في البداية، ثم مر بمراحل وتحول إلى الإنسان العادي المعروف اليوم هل هذا من المعقول أم لا؟ وهل عناصر القرد، أي عناصر تكوين جسمه هي نفس العناصر المكونة لجسم الإنسان؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا؟.ج : هذا القول الذي ذكره السائل قول منكر وباطل ومخالف لكتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ولإجماع سلف الأمة. وقد اشتهر هذا القول عن المدعو
( داروين ) وهو كاذب فيما قال. بل أصل الإنسان هو الإنسان على حاله المعروف؛ ليس أصله قردا ولا غير قرد، بل هو إنسان سوي عاقل خلقه الله من الطين من التراب؛ وهو أبونا آدم عليه الصلاة والسلام، خلقه الله من تراب كما قال الله جل وعلا :( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) . فهو مخلوق من هذا التراب خلقه الله على صورته، طوله ستون ذراعا في السماء ثم لا يزال الخلق ينقص حتى الآن، فهو مخلوق على الصفة التي نشاهدها، فأولاده كأبيهم مخلوقون على خلقة أبيهم، لهم أسماع ولهم أبصار ولهم عقول ولهم القامة التي تعرف لهم الآن، يقومون على أرجلهم ويتكلمون ويسمعون ويبصرون ويأخذون بأيديهم ويعطون، وليسوا على شكل القردة، وليس تكوينهم تكوين قردة، بل لهم تكوين خاص، وللقردة تكوين خاص، وهكذا كل أمة، فالقردة أمة مستقلة، والخنازير أمة مستقلة، وهكذا الكلاب والحمير، وهكذا القطط وهكذا غيرها أمم، كما قال الله عز وجل:( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ).
هذه الأمم كلها تحشر إلى الله، تجمع يوم القيامة ويقتص لبعضها من بعض، ثم يقال لها : كوني ترابا فتكون ترابا، ما عدا الجن والإنس، فلهما شأن آخر يحاسبون ويجزون بأعمالهم، فمن أطاع ربه فإلى الجنة، ومن كفر به فإلى النار، أما هذه الحيوانات الأخرى فهي أمم مستقلة فالقردة أمة مستقلة، لها خلقتها ونشأتها وخصائصها، والخنازير كذلك والكلاب كذلك، والحمر كذلك والإبل كذلك والبقر كذلك، والغنم كذلك وهكذا كل أمة من الأمم لها خلقتها، وميزتها التي أنشأها الله عليها سبحانه، وهو الحكيم العليم وهو أبصر بدقائق أمرها ؛ ودقائق تكوينها هو أبصر بهذا سبحانه وتعالى، لكن يجب أن يؤمن العبد أن خلق آدم غير خلق القردة، وأن أصل آدم هو أصله الذي هو عليه الآن وليس أصله قردا ولا غيره؛ بل هو إنسان سوي على خلقته المشاهدة، فالقول إن أصله قرد قول منكر، قول باطل، بل لو قيل بكفر صاحبه لكان وجيها، فالأظهر والله أعلم أن من قاله مع علمه بما جاء به الشرع أنه يكون كافرا ؛ لأنه مكذب لله ورسوله ومكذب لكتاب الله في خلق آدم .
فتاوي نور على الدرب *******************************
يقول: فضيلة الشيخ بارك الله فيكم: ظهر في الآونة الأخيرة على شاشات الفضائيات من يقال عنهم أنهم من أهل فقه وعلم يقولون بأن آدم عليه السلام ليس أول الخلق من البشر بل هناك بشر قبله ولكن الله اصطفاه عليهم ، وأن له أبا وأما، وأن حواء لم تخلق من ضلع آدم ، فما رأيكم في ذلك؟.
الجواب: هذا كفر والعياذ بالله، هذا كفر وإلحاد، تكذيب لقول الله-جل وعلا-أن الله خلق آدم من تراب، خلقه بيده، خلقه من تراب، وليس له أب ولا أم، وأخبر أنه خلق حواء منه(...وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا...)، خلق منها زوجها يعني: خلق حواء من آدم، فالذي ينكر هذا يكون كافرًا بالله-عز وجل-مرتد عن الإسلام، نعم.
للشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه اللهقام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحدادالسبت الموافق: 25/ صفر/ 1432 للهجرة النبوية الشريفة.
*****************************س: الأخ م. م. ي. من الجمهورية العربية اليمنية لواء الجديدة يسأل ويقول: سمعت من بعض الناس أنه كان يوجد قبل آدم إنسان بدائي واختفى قبل ظهور آدم، فهل هذا صحيح؟ ج: ليس لهذا أصل ، بل هذا من الخرافات ، ليس قبل أدم إنسانالشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز رحمه الله
فتاوي نور على الدرب
العقيدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق