وطبع المفكر الراحل الذي اعتنق الدين الاسلامي بعد أن كان شيوعيا ملتزما في صفوف الحزب الشيوعي الساحة الفكرية الفرنسية والغربية بمواقفه المغردة خارج السرب٬ في مناهضته للرأسمالية المتوحشة والسياسات التوسعية ودفاعه عن الحقوق الفلسطينية٬ الأمر الذي وضعه في معترك معارك إعلامية وفكرية متواصلة.
وبالرغم من الرصيد الفكري الضخم الذي خلفه المفكر الفرنسي٬ فإن كتابه الذي نشره بعنوان "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية"٬ يظل المحطة الأكثر إثارة للجدل في مساره الطويل٬ إذ جر عليه محاكمة شهيرة في فرنسا سنة 1988 بتهمة التشكيك في المحرقة اليهودية خلال العهد النازي.
من أم كاثوليكية وأب ملحد٬ سيعتنق البروتستانية في سن الرابعة عشر من عمره٬ قبل أن تدركه الرياح العاتية الآتية من الشرق٬ لينضم الى الحزب الشيوعي الفرنسي٬ لكنه ما لبث أن صنع النقلة الكبرى في حياته باعتناقه الدين الاسلامي عام 1982.
وقد فسر المفكر الراحل في كتابه "الإسلام دين المستقبل" اختياره الدين الإسلامي بما أظهره من "شمولية كبرى"٬ وب "استيعابه لكافة الشعوب ذات الديانات المختلفة٬ وكان لقبوله لاتباع هذه الديانات في داره منفتحا على ثقافاتهم وحضاراتهم". ويعتقد غارودي أن "هذا الانفتاح هو الذي جعل الإسلام قويا ومنيعا".
ومن أهم مؤلفات الراحل "لماذا أسلمت.. نصف قرن من البحث عن الحقيقة" و"الأصوليات المعاصرة أسبابها ومظاهرها" و"محاكمة الصهيونية الإسرائيلية" و"حفارو القبور.. الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها" و"الولايات المتحدة طليعة الانحطاط" و"وحوار الحضارات" و"كيف نصنع المستقبل".
تبدو سيرة رجاء غارودي مليئة بالتقلبات والعواصف٬ فخلال الحرب العالمية الثانية وقع أسير حرب لفرنسا الفيشية في الجزائر بين 1940 و1942. وانتهى التزامه الشيوعي بشكل درامي عام 1970 حين طرد من الحزب الشيوعي الفرنسي على خلفية انتقاداته المستمرة للاتحاد السوفياتي.
ومما يذكر في سيرة غارودي أنه أصدر ٬ بعد مجازر صبرا وشاتيلا في لبنان٬ بيانا تنديديا بصحيفة لوموند الفرنسية بعنوان "معنى العدوان الإسرائيلي بعد مجازر لبنان" بمعية الأب ميشيل لولون والقس إيتان ماتيو.
نال جائزة الملك فيصل العالمية سنة 1985 عن خدمة الإسلام وذلك عن كتابيه "وعود الاسلام" و "لإسلام يسكن مستقبلنا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق